الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

ملك المطابخ، أحمد سعد

جاء ميلاده في عام 1969 في مدينة الاسكندرية بمصر، وظهرت عليه صغيرا علامات النبوغ في مجال الرسم الهندسي، وبدأ يعمل في فترة الأجازات الدراسية الصيفية في عدة وظائف أكسبته حس خدمة العملاء والعلاقات العامة، وحين لم يؤهله معدله في الثانوية العامة لإختيار الدراسة التي يريدها ، دخل معهدا غير راغب فيه، لكنه بدأ يهتم بالدراسة خارج المقرر، فكانت دراسة الكمبيوتر والحاسبات، ذلك العلم الجديد في هذا الوقت، تحديدا فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات، وبعد فترة من الإجادة، عرض عليه صديق مرافقته في التقدم لشغل وظيفة، فذهب معه على سبيل الصحبة والرفقة، وهناك نصحته الموظفة بأن يملأ استمارة تقدم لشغل الوظيفة، فماذا سيخسر؟ وكما في الروايات، نجح هو في حين لم يوفق صديقه، فكانت الوظيفة مندوب مبيعات في شركة صخر للحاسبات.
رغم أنه كان لا زال يدرس، لكنه حقق نجاحا ملموسا في وظيفته، وفوق كل هذا استمر في الالتحاق بالدورات الدراسية لتطوير قدراته أكثر، الأمر الذي انعكس عليه بأن نجح بتقدير مرتفع مكنه من إكمال الدراسة الجامعية في كلية التجارة. لكن رغم العمل لساعات طويلة، كان العائد محدودا، لا يغني ولا يسمن، ولذا بحث عن مستقبل أفضل، بدأ رحلة البحث عن عمل خارج مصر، فكانت والدته تجمع له قصاصات طلبات التوظيف المنشورة في الجرائد، وحين كان يعود ليلا كان يطالع ما يناسبه ويرسل سيرته الذاتية، وبعد عدد من المقابلات، جاءه عرض عمل في الرياض بالسعودية وهو لم يتم عامه الواحد والعشرين بعد.
كانت طبيعة العمل في الغربة في مجال الحسابات والمخزون وشئون العاملين، وكان العمل لمدة عامين، حتى جاءه عرض لوظيفة أفضل في قطر، في مجال الكمبيوتر أيضا لكن الشركة القطرية تراجعت عن المشروع الذي وظفته من أجله، فعينته في وظيفة مسئول عن قسم شئون الموظفين والعلاقات العامة، ثم مديرا لمكتب صاحب الشركة. أثناء ذلك، وعندما بلغ سن الخامسة و العشرين، تزوج ثم رزقه الله بابنه الأول ثم الثاني.
بعد ثلاث سنوات من العمل الدؤوب، أحس صاحب العمل بأن لديه مواهب أكثر من تلك التي يستغلها، خاصة بعدما قدم له اقتراحات ساعدت الشركة على زيادة المبيعات والأرباح، فقام صاحب الشركة بتعيينه كمدير لإدارة مبيعات المطابخ الجاهزة، وكانت هذه الإدارة تحتاج الى عمل كثير لتقف على قدميها وتنجح. كانت هذه الفرصة الذهبية له كي يكشف عن حقيقة معدنه وخبراته، فتعلم كل ما كان يلزمه خلال شهور قليلة، وأدار دفة العمل لمدة أربع سنوات، لكن المبيعات لم تأتي وفق المراد لها، لأسباب عدة تخص السوق القطرية، ما كان معناه وجوب الرحيل من جديد لبلد جديد.
في عام 1999، وعمره 29 سنة سافر إلى دبي، وقام بعمل مقابلات شخصية بحثا عن عمل، فوفقه الله لوظيفة مدير مبيعات قسم المطابخ في شركة هناك خلال ثلاثة ايام فقط من البحث. بعدها، استقال من وظيفته وانتقل مع أسرته لوظيفته الجديدة، واستلم عمله وبدأ حياته العملية الجديدة. وهناك حيث توسع لديه الفكر التجاري والإداري والفني، وكذلك مسؤولياته ودائرة معارفه، حتى انقضت 3 سنوات، مدة عقده مع هذه الشركة.
خلالها سيطرت عليه الرغبة الجامحة في أن يبدأ عمله الخاص، ولذا بعد انتهاء عقده، قرر افتتاح عمله الخاص و عمره 32 سنة، وأسس شركته في عام 2002 كشركة متخصصة في مجال المطابخ تحت اسم كيتشن كينج ( Kitchen King ) أو ملك المطابخ. كانت المخاطرة كبيرة، زادها نظرات التشكيك في عيون المحيطين به، فكيف يترك الوضع المادي المستقر والدخل الشهري المضمون ويمضى إلى المجهول، خصوصا أن جل مدخراته ورأس مال مشروعه الجديد 50 ألف درهم فقط.
لم يوقفه كل هذا، وتوكل على الله وشرع في التنفيذ، وذهبت 43 ألفا في مصاريف التأسيس، وتبقى له 7 آلاف درهم يعيش بها وأسرته، وبدأ يعمل في شركته الخاصة، ثم كان قضاء الله أن يتوفى والده في أول يوم لبدء شركته. هذا الوالد لم يكن يعلم بخطوة ابنه هذه، التي لم يطلعه عليها لعلمه بأن والده لا ينظر بثقة للعمل الخاص بسبب مخاطره. بعدها بأسبوع عاد ليكمل ما بدأه، ومرت الشهور الأولى في بناء قاعدة عملاء جديدة وكانت المبيعات لا تكفي والمصاريف لا تتوقف عن الزيادة، فالكل كان يخشى أن يشتري من شركة ناشئة، حتى أن سيارته كانت تتعطل دائما في طريقه لمواقع الأعمال المحتملة لعدم كفاية الوقود.
لم يبق معه من مال يكفي حتى لملء خزان سيارته، وكان الموظف الوحيد في الشركة، يقوم بأدوار عامل النظافة والسكرتير والسائق والمصمم والبائع و المحاسب ومشرف العمال ومندوب المشتريات والمدير العام، وفي بعض الاحيان عامل التركيب، واستمر الوضع كذلك لمدة عام كامل.خلال هذا العام، هجمت عليه الشكوك من أن يكون قد أساء التقدير وأنه يقع في هوة الفشل…
لكن وبعد مرور ثلاثة أشهر من العام الثاني، ومع العمل المتواصل، سرعان ما حصل على ثقة بعض العملاء الذين اشتروا أشياء بسيطة ثم أكبر وأكبر حتى حصل على مشروع تجهيز مطابخ لمجمع 15 فيلا سكنية، بقيمة ربع مليون درهم إماراتي، وكانت هذه هي بداية الانفراجة، وجاءت الايرادات لتطرد شبح الافلاس، وتشجعه على الاستمرار والمضي قدما، ومنذ ذلك اليوم تشجع وأيقن بقدرة الله على رزق الصغير والكبير على حد سواء، واستمر في عمله دون خوف.
بعدها بفضل الله كثرت الأعمال والطلبيات، فأصبح الموردون يتأخرون في التسليم، وظهرت الحاجة واضحة إلى إنشاء مصنع صغير، يلبي احتياجات العملاء، فقام بتأجير موقع أسس عليه مصنعه، وبدأ بعاملين فقط، دربهم بنفسه، وبمرور الأيام كثرت الأعمال والتوسعات وزاد فريق العمل، لكن جرت العادة أنك لا تجد موظفا يستمر في وظيفته لفترة طويلة، إذ يجد الأفضل فيرحل، الأمر الذي لم يجد معه بدا من أن يستعين بزوجته لتكون مديرة العمل.
بعدها بفترة وفي عام 2008، افتتح فرعا ثانيا للبيع في إمارة عجمان، ثم أراد أن يتميز عن المنافسين، فقرر الاستيراد المباشر للمواد الخام من الأسواق الخارجية لا المحلية، وبدأ يستورد موادا لم يسبق لأحد أن وفرها للسوق المحلية، وتخصص عمله أكثر في تصنيع المطابخ وخزائن الملابس وبيع الأجهزة الكهربائية المنزلية الخاصة بالمطابخ وغيرها، واستمر في التوسع، حتى جاءت الأزمة المالية العالمية في 2009.
رغم تراجع الاعمال بشكل عام في الأسواق، إلا أن سوق التجزئة لم تتأثر بها بشكل كبير، لكن رحلة زيادة عدد صالات البيع اضطرت للتوقف للتقييم وكان نتيجة ذلك غلق فرعين لعدم تحقيق الربح والبيع، وكانت هذه فرصة للتركيز على تلك التي تبيع، وفرصة كذلك للاهتمام أكثر بالعملاء الحاليين وتقديم خدمة أفضل. ذلك عاد وأدى إلى زيادة المبيعات رغم الأزمة، وبسبب تحسن أساليب الإدارة والإنتاج والتركيز على المبيعات وخدمة العملاء.
الآن، وبعد مضي 11 سنة من العمل المتواصل، أصبحت شركة كيتشن كينج ذات شهرة واسعة وقاعدة عملاء عريضة في سوق التجزئة في مجال نشاطها. إنها قصة نجاح أحمد سعد، ملك المطابخ.
المصدر: مدونة شبايك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More