
لم تكن الحالة المالية لوالديها تسمح بتحمل نفقات دخولها الجامعة، ولذا تفوقت في سنوات دراستها الثانوية، حتى حصلت على منحة دراسية في جامعة كورنيل، وتخرجت مع مرتبة الشرف في 1976، لتتزوج عقب التخرج مباشرة، وتقبل أول وظيفة لها ككاتبة في جريدة محلية، ثم أكلمت دراستها القانونية في جامعة أخرى، لكن هذه المرة عانت في دراستها، فهي كانت بعيدة جدا عن مكان عمل زوجها، وكانت الدراسة تتطلب ساعات طويلة، لكنها صبرت وتحملت أملا في تحسن فرصها التوظيفية بعد حصولها على شهادة التخرج، وهو ما كان، حيث عملت بعدها في مكتب محاماة مرموق، لكنها وجدت أن الوظيفة تعتمد على التعامل بالأكثر مع الورق، في حين اشتاقت هي للعمل مع الناس. في هذا الوقت، كان عدد المحامين ذوي البشرة السمراء الذكور قليل، وأما عن المحاميات، فكاد العدد أن يكون صفرا.
لتحقيق ما تصبو إليه، استقالت لييا من عملها في المحاماة، لتعمل قاضية في محاكم المرور، رغم أن هذه الوظيفة ذات مردود مالي أقل بكثير من وظيفتها السابقة. بعدها بعام حصلت على طفلها الأول، ثم لحقت به أخته بعدها بأعوام ثلاث، وحين بلغ ابنها عامه الخامس، قررت لييا الترشح لتكون عضوا في محكمة (الجنايات) في ولاية جورجيا. عوضا عن حقيقة أنه لم يسبق لأسمر دخول هذه المحكمة، فلم يسبق لأي امرأة – بيضاء أو سمراء – أن حصلت على مثل هذا المنصب، وفوق كل هذا، كان سنها وقتها 32 سنة، وهو سن صغير لم يسبق لقاض أن دخل هذه المحكمة بهذه السن! كان التحدي كبيرا، الأمر الذي جعلها تنام فقط من 3 إلى 4 ساعات يوميا، إذ استلزم الترشح أن تعمل ضعف الوقت وتبذل ضعف المجهود في حملتها للترشح، لتحقيق ما تصبو إليه.
رغم أن المنافسة كانت شديدة، حصلت لييا على الوظيفة وحلت محل القاضي المتقاعد. اشتهرت لييا في قاعات المحاكم بأنها تسعى وراء الحق، وتكره تزيين الكلمات وتزييف الحقائق، وكتبت أكثر من مقالة تطالب فيها المحامين باستخدام مرافعات يقل فيها عدد الكلمات صعبة الفهم قليلة الاستخدام، وطالبتهم بمطاردة الحقيقة، مهما كان ثمنها، والبعد عن المزايدات السياسية.
بعدها بأربعة أعوام، تلقت لييا مكالمة هاتفية من حاكم الولاية، يخبرها بتعيينه لها كقاضية في المحكمة العليا في ولاية جورجيا، لتكون بذلك أصغر شخص يجلس في مقاعد القضاة في هذه المحكمة، وتكون أول قاضية عليا سمراء من أصلي إفريقي في تاريخ الولاية كلها. لم يلق هذا التعيين رضا الكثيرين، الذين علقوا على الأمر بأن اختيارها إنما جاء لأنها امرأة و سمراء، وأن الهدف من اختيارها دعائي أكثر من أي شيء آخر! هذه النظرة دفعتها مرة أخرى لتبذل جهدا مضاعفا لتثبت جدارتها بهذا المنصب، فكانت تذهب لعملها في الصباح الباكر، وتراجع القضايا المعروضة عليها وتقرأ كل مستنداتها، وكانت تطلب من فريق عملها مراجعة أدائها وتقييم نقاط ضعفها، وكانت تعمل على سد النواقص ومعالجة العيوب وتطوير ذاتها.
سريعا جاءت نتائج هذا العمل المضاعف، إذا بدأ زملائها من القضاة يتقبلونها لشخصها لا للونها أو لجنسها، وبدأت تحصد جوائز التقدير والتقييم لدورها كأم وقاضية صغيرة السن ومجتهدة وذكية، لم تستسلم لعادات المجتمع وضاعفت العمل لكي تغير ثوابت قديمة في عالمها. لم يسلم الأمر من غلاء الثمن، إذا حصلت لييا على الطلاق في عام 1994. في عام 2005 حصلت لييا على منصب كبير قضاة المحكمة العليا، ولم تعد ترشيح نفسها بعد انتهاء مدة هذا المنصب، لتترك المحكمة العليا إلى قاعات الدراسة، عاملة في مجال تدريس القانون هذه المرة.
المصدر:مدونة شبايك
0 التعليقات:
إرسال تعليق